"ما يجعل النهر يبدو هادئًا أمام الناس أنه لا يشك في وصوله لما يبغي، ولن يذهب لأي مكان غيره" كلمة لـ"هال بويل" الحائز على جائزة بوليتسر للصحافة بدأ بها التقرير الصادر عن الصندوق الدولي لحماية البيئة بعنوان " أكبر أنهار العالم في خطر" مشككا في استمرار الاعتقاد بهذه الكلمة. فقد أوضح التقرير الصادر في 20 مارس 2007 بمناسبة اليوم العالمي للمياه، أن أكبر 10 أنهار في العالم ربما بدأت تضل طريقها، فسلكت طريق الموت لأسباب عدة، من أهمها التغيرات المناخية والتلوث وإقامة السدود. احتلت قارة آسيا المرتبة الأولى بين القارات، حيث وجد بها خمسة من العشرة أنهار المهددة بالجفاف والتي رصدها التقرير، وهي: يانجيتزي، ميكونج، سالويين، جانجز، وهندوس، وبأمريكا اللاتينية نهري ريو لابلاتا، والريو جراند، ونهر النيل بإفريقيا، وموراي دارلينج في أستراليا، ونهر الدانوب بأوروبا. ويعلق جامي بيتوك مدير برنامج المياه في صندوق حماية البيئة قائلا: "الأنهار هي المصدر الرئيسي للمياه العذبة في العالم، والمذكور منها في هذا التقرير يؤكد على أزمة المياه العذبة الحالية التي أشير إليها من سنوات، غير أننا لا نستطيع افتراض تدفق المياه العذبة بلا نهاية مع استمرار سوء التخطيط والحماية غير الملائمة للمناطق الطبيعية، فكارثة مثل التغيرات المناخية استحوذت على انتباه الحكومات ورجال الأعمال في وقت متأخر، ما ينبهنا لمواجهة خطر موت الأنهار الآن وليس بعد فوات الأوان". أنهار ومهددات
كما أن نهر الهندوس يواجه الجفاف نتيجة الاستخدام غير الرشيد لمياهه في الزراعة، واستنزاف ثروته السمكية التي أصبحت مهددة بالفناء من جراء الصيد الجائر بآسيا. أما نهر النيل والذي يمتد لمسافة 6650 كم من بحيرة فيكتوريا في الهضبة الاستوائية إلى المصبات عند البحر المتوسط، فتضعه التغيرات المناخية على حافة الخطر، حيث أشارت توقعات سابقة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة البيئي إلى أن نهر النيل سيواجه شحًّا في مياهه قد يصل إلى 75% منها بسبب التغيرات المناخية، التي تؤدي إلى تغيير القواعد التي عاشت في ظلها الأنهار لآلاف السنين. وعن نهر اليانجستي فالتلوث يكاد يودي بحياته، حيث إنه واحد من أكثر الأنهار تلوثا في العالم بسبب عقود من التصنيع الكثيف وبناء السدود والتدفقات الضخمة من الرواسب الناجمة عن تغيير استخدامات الأراضي. ونهر الجانج الذي يمثل ما يقرب من ثلث مساحة الأرض في الهند، ويعتمد عليه واحد من كل 12 شخصا في العالم في نشاطات مثل صيد السمك والزراعة بدأت تجف روافده بعد أن حولت القناطر كميات ضخمة من المياه لاستخدامات الري، كما قلت جودة مياهه، وسيكون للتغير المناخي تأثيرات سلبية بسبب انحسار الأنهار الجليدية التي ترفد الجانج بما يتراوح بين 30% إلى 40% من مياهه. ويعلق رافي سينغ الأمين العام للصندوق العالمي لحماية الطبيعة في الهند لوكالة رويترز فيقول: "لو ماتت هذه الأنهار، سيفقد الملايين موارد رزقهم، وسيدمر التنوع البيئي على نطاق واسع، وستقل المياه العذبة والزراعة مما سينتج عنه قلة الأمان الغذائي". أزمات وحلول
وقد طرح صندوق حماية البيئة في تقريره عدة اقتراحات لمواجهة مشاكل العشرة أنهار المهددة، ومنها: 1- الاستخدام الأمثل للمياه وتقسيمها بشكل صحيح، والتحول لاستخدام محاصيل أقل استهلاكا لها، وإزالة الدعم الزراعي الذي يشجع على زيادة استخدامها بصورة مفرطة للتصدي للاستغلال الجائر للمياه في الزراعة والذي يهدد نهري ريو جراند وجنجليز بالجفاف التام. 2- تخطيط البنية التحتية بصورة تقلل من الآثار السيئة للفيضانات، وتتيح حركة أسهل للأسماك وتتحكم في التلوث الحراري، لمحاولة التقليل من مشاكل السدود والبنية التحتية التي تهدد نهري الدانوب والسلوين واللابلاتا. 3- زيادة الوعي لدى الحكومات حول ضرورة التعامل بطريقة أفضل تجاه الأسباب التي تؤدي إلى ازدياد ظاهرة الاحتباس الحراري والتي تهدد نهر الهندوس، ونهر النيل الذي ينتظر ندرة في الثروة السمكية بالإضافة إلى تخلخل الاستقرار الاجتماعي. 4- يجب سن قوانين للصيد تحمي الثروة السمكية من الانقراض، وذلك بفرض عقوبات مشددة على الصيد بطرق غير سليمة لمواجهة الصيد الجائر للأسماك الذي يهدد نهر الميكونج. واختتم التقرير بالتأكيد على أنه لن تعتبر أي من هذه الحلول مؤثرة إلا إذا تم تطبيقها من خلال تعاون دولي بين الحكومات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وفي هذا الوقت فقط يستطيع شعوب هذه الأنهار التقاط أنفاسهم والعيش بلا خوف من خطر الجفاف الذي قد يؤدي إلى الموت. |